إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
محاضرة في الزلفى مع شرح لأبواب من كتاب الجنائز في صحيح البخاري
6360 مشاهدة
إشعار الميت

باب كيف الإشعار للميت.
وقال الحسن الخرقة الخامسة تشد بها الفخذين والوركين تحت الدرع.
حدثنا أحمد حدثنا عبد الله بن وهب أخبرنا ابن جريج أن أيوب قال: سمعت ابن سيرين يقول: جاءت أم عطية رضي الله عنها -امرأة من الأنصار من اللائي بايعن- قدمت البصرة –تبادر ابنا لها فلم تدركه- فحدثتنا؛ قالت: دخل علينا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ونحن نغسل ابنته فقال: اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر واجعلن في الأخيرة كافورا، فإذا فرغتن فآذنني، قالت: فلما فرغنا ألقى إلينا حقوه قال: أشعرنها إياه ولم يزد على ذلك ولا أدري أي بناته وزعم أن الإشعار الففنها فيه. وكذلك كان ابن سيرين يأمر بالمرأة أن تشعر ولا تؤزر.


هكذا أم عطية كانت من الأنصار، وكانت بالمدينة ومع ذلك لم يحدث عنها أحد من أهل المدينة بهذا الحديث؛ لكنها قدمت البصرة وحفصة بنت سيرين في البصرة أخت محمد بن سيرين ولما قدمت البصرة تطلب ابنا لها عند ذلك التقت بها حفصة بنت سيرين فحدثتها بهذا الحديث.
وحفصة بنت سيرين من حفظة العلم فإن سيرين مولى أنس بن مالك رضي الله عنه أعتقه، ولما أعتقه ولد له ابن سيرين خمسة أولاد من ذكور وإناث كلهم علماء اشتهر منهم أنس بن سيرين ومحمد بن سيرين وحفصة بنت سيرين التي روت لنا هذا الحديث الذي كاد أن ينسى.
فلما قدمت أم عطية إلى البصرة اتصلت بها وزارتها حفصة بنت سيرين فحدثتها بهذا الحديث، وحفظته وحدثت به، وانتقل عنها واشتهر عنها، ولم ينقل عن بقية النساء اللاتي اشتركن معها في تغسيل بنت النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا بقية النساء اللائي غسلن من مات من المؤمنات في المدينة لم ينقل عنهن شيء في كيفية التغسيل، ولكن في هذا الحديث كفاية.
فيه ذكر عدد الغسلات، وفيه أن الغسل يكون بالماء والسدر، يجوز أن يجعل بدل السدر غيره؛ أن يجعل بدله ما يقوم مقامه كالصابون والأشنان والماء الحار، فإن ذلك مما يحصل بهم النظافة؛ لأن المقصود تنظيف جسد الميت.
كذلك أيضا ذكرت أنه يجعل في الأخيرة كافور، وذكرت أنه -عليه السلام- فوض الأمر إليهن بالاختيار؛ إن رأيتن ذلك يعني: إن رأيتن الاقتصار على الثلاث أو الزيادة عليها إلى خمس أو الزيادة عليها إلى سبع أو الزيادة عليها إلى تسع؛ لأنه لما ذكر الثلاث والخمس والسبع دل على أنه يختار أن يقطع الغسل على وتر؛ فإن الله وتر يحب الوتر .
كذلك أيضا في كيفية التكفين، في بعض الروايات: أنه ما زال يلقي عليهم أو يعطيهم الأكفان ثوبا ثوبا إلى أن أعطاهم خمسة أثواب، وأن الإشعار هو الإزار الذي تشد به العورة، وأن الخمار يكون على الرأس يشد بها الرأس والوجه والرقبة يلف به.
وأما القميص فإنه يشق مع وسطه فيجعل نصفه فراشا ونصفه لحافا؛ يستر بقية بدنه؛ أي بدن المرأة أي: من كتفيها إلى قدميها؛ هذا يختص بالمرأة الذي هو هذا القميص، وأما الرجل فإنه يلف في ثلاث لفائف. نعم.